طالما أن الفرد يعتبر خلية في بناء المجتمع يؤثر فيه ويتأثر به، وبما أن السلوك يعتبر التطبيق العملي للمدخلات التي تم بناء الخلية أو الفرد من خلالها، يصبح السلوك أهم مؤثر في حاضر ومستقبل المجتمع وبالتالي الشعوب. وبناء عليه سوف نقوم في هذه العجالة بالتعرض لبعض مراكز بناء السلوك البشري في المجتمعات فقد نتعرف على أسباب المعاناة ونعمل على العلاج.
المنزل هو المركز الأول لبناء السلوك فكما أن الأبوين يصنعان المعتقد الأول في الديانة عند الطفل، فهما كذلك من يبنيان فهمه للحياة وتلك هي المدخلات التي يتم بها وضع الإطار العام والتفاصيل لسلوك هذا الطفل مستقبلاً. أغلب التشويه السلوكي للفرد يتكون من خلال مشاهدات وتعامل خاطئ من الوالدين أو المحيط العائلي بحيث يحبط الطموح ويُستهتر بالإمكانات أو يُعامل الطفل حتى يتزوج وكأنه عبد لا رأي له ولا خيار أو بواسطة معلومات ترسخ بالخطأ على أنها أوامر ربانية لا خيار للشخص غير تقبلها وتطبيقها بدون تفكير.
المدرسة تعتبر المركز الثاني والأهم بحيث يمكنه في سن مبكر اللحاق بالخلية المتأثرة سلوكياً والعمل على تغيير المدخلات الخاطئة سواء بالتنسيق مع المنزل أو منفرداً إذا تعذر تعاون المنزل في بعض المجتمعات، المصيبة تحدث عندما تكون المدرسة التي تعتبر أخر خط دفاع لحماية السلوك تحتاج إلى علاج سلوكي لأن أفراد هذا المركز المهم جداً في بناء السلوك تم اختيارهم وتجهيزهم بعيداً عن موضوع السلوك وتأثيره لأنه لم يتم الاستعانة بالمختصين وكل ما حدث هو الاعتماد على قدامى المدرسين غير العارفين بما هو خارج المنهج الدراسي وطُلب منهم وضع هيكلة التعليم الذي أخرج لنا نتاجاً سقيماً.
الترميم السلوكي لا يعني تغطية العيوب بالكساء الإعلامي وكلام المجالس الهلامي ولكنه يعني تحسين كل عادة أو فهم معطوب حتى لا يتم الكساء وتحته لا يزال البلاء، ترميم سلوكيات المجتمع من الأمور ذات الأولوية في تطوير المجتمعات وبالذات التي تمر في مراحل تحول لا تعني التخلي عن القيم والأخلاق بقدر ما تعتبر مراجعة لبعض الموروثات والمفاهيم الخاطئة والاعتراف بها لكي يتم استبدالها بالأفضل، يتحقق هذا عند الدول الثرية قبل أو مع تطوير البنية التحتية ويكون من خلال برامج وحملات مكثفة في مختلف المجالات والمواقع تعالج أخطاء سلوكية.
لابد أن نعمل على تغيير كثير من المفاهيم في التعاملات اليومية لا نريد التغريب بقدر ما نقصد التأديب، فهل ممارسة قول "إذا سمحت وشكراً" للشغالة أو السائق مثلاً يعتبر سلوكاً تغريبياً؟
د. منصور الحسيني
عضو الجمعية العالمية لأساتذة إدارة الأعمال – بريطانيا
نقلآ عن جريدة البلاد